خطبة الجمعة اليوم مكتوبة بعنوان “عنـــايةُ الإســـلامِ بالنشءِ “
يؤدى أئمة المساجد خطبة الجمعة، اليوم، تحت عنوان “عناية الإسلام بالنشء”، وهو الموضوع الذى حددته وزارة الأوقاف، فى وقت سابق، مشددة على الأئمة ضرروة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير وألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقيقة، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، مع التأكيد على أن البلاغة الإيجاز، ولأن ينهي الخطيب خطبته والناس في شوق إلى المزيد خير من أن يطيل فيملوا، وفي الدروس والندوات والملتقيات الفكرية متسع كبير .
خطبة الجمعة اليوم مكتوبة عنـــايةُ الإســـلامِ بالنشءِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ الكريمِ: { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا ۚ حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا *}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهّمّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فقد اعتنَى دينُنَا الحنيفُ بالنشءِ عنايةً بالغةً، فهم مستقبلُ الأممِ، ولهم علينا حقوقٌ كثيرةٌ، مِن أهمِّهَا التنشئةُ الصحيحةُ دينيًّا وفكريًّا ووطنيًّا منذُ نعومةِ أظافرِهِم، حتى لا تتخطفَهُم أو تنالَ منهم أيدِي المتطرفين.
إنّ العنايةَ بالنشءِ مسئوليةُ الآباءِ والمعلمين والمجتمعِ كلِّه، حتى يخرجَ النشءُ مستقيمًا، ناضجًا، وطنيًّا، يبنِي ولا يهدم، ويعمرُ ولا يخرب، يدركُ معنى الحياةِ، ويواجهُ التحدياتِ بعزيمةٍ قويةٍ، وروحٍ وثابةٍ نحو البناءِ والتعميرِ وعمارةِ الكونِ، وحبِّ الخيرِ للناسِ جميعًا، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ)، ويقولُ الإمامُ الغزاليُّ رحمَهُ اللهُ: “إنَّ الصبيَّ أمانةٌ عندَ والديهِ… فإنْ عُوِّدَ الخيرَ وعُلِّمَهُ، نشأَ عليهِ وسعدَ في الدنيا والآخرةِ، وشاركَهُ في ثوابهِ أبواهُ وكلُّ معلمٍ له ومؤدِّبٍ”.
وقد أرشدنَا الإسلامُ إلى الإحسانِ إلى النشءِ، ومعاملتِهِم بالرفقِ والرحمةِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحبُّ الرفقَ)، وعندما كان نبيُّنَا ﷺ يخطبُ على المنبرِ إذ أقبلَ حَسنٌ، وحُسينٌ، وعليهمَا قميصانِ أحمرانِ يمشيانِ ويعثرانِ فنزلَ ﷺ فحملَهُمَا، وقال: إنِّي رأيتُ هذينِ يمشيانِ، ويعثرانِ فلم أصبرْ حتى نزلتُ فحملتُهُمَا)
وحينمَا مرَّ سيدُنَا أنسُ بنُ مالكٍ (رضي اللهُ عنه) على صبيانِ وسلَّمَ عليهم، قال: كان النبيُّ ﷺ يفعلُ ذلك، وذلك لِمَا يتركُه ذلك الإحسانُ في نفسِ النشءِ مِن الحبِّ لِمَن أحسنَ إليه، والإصغاءِ لنصحهِ وتوجيهِه.
ولا شكِّ أنَّ الإسلامَ قد اعتنَى بتكوينِ النشءِ إيمانيًّا وأخلاقيًّا، فعن ابنِ عباسٍ (رضي اللهُ عنهما) قال: كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ ﷺ يومًا قالَ يا غلامُ ، إنِّي أعلِّمُكَ كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْهُ تُجاهَكَ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أنْ ينفعوكَ بشيءٍ، لم ينفعُوكَ إلّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللهُ لك، وإنْ اجتمعُوا على أنْ يضُرُّوكَ بشيءٍ لم يضُروكَ إلّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللهُ عليك، ( رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ)، وعن عمرَ بنِ أبي سلمةَ (رضي اللهُ عنهما) قال: كنتُ في حجرِ رسولِ اللهِ ﷺ وكانت يدي تطيشُ في الصحفةِ [أي: الإناء]، فقالَ لِي ﷺ: (يا غلامُ، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينِك، وكُلْ مِمّا يلِيك).
***
الحمدّ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
لا شكَّ أنّ تعليمَ النشءِ تعليمًا صحيحًا يسهمُ في بناءِ مجتمعٍ سويٍّ متماسكٍ مترابطٍ، ومِن أعظمِ ذلك تعليمُ القرآنِ ومعانيه وأحكامِه وآدابِه، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (خيرُكُم مِن تعلمَ القرآنَ وعلّمَهُ)، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (ومَن سلكَ طريقًا يلتمسُ فيهِ علمًا سهلَ اللهُ لهُ به طريقًا إلى الجنةِ)، ويقولُ الحافظُ السيوطِي (رحمه اللهُ): “تعليمُ الصبيانِ القرآنَ أصلٌ مِن أصولِ الإسلامِ، فينشئونَ على الفطرةِ، وتسبقُ إلى قلوبهِم أنوارُ الحكمةِ”.
اللهم احفظْ مصرنَا وارفعْ رايتهَا في العالمين.
خطب شهر يوليو
وكانت قد أعلنت وزارة الأوقاف، عناوين موضوعات خطب شهر يوليو ، حيث حددت موضوع الجمعة الأولى 7 يوليو 2023م : عناية الإسلام بالنشء، والجمعة الثانية 14 يوليو 2023م : فضائل الاستغفار.
كما حددت وزارة الأوقاف، موضوع الجمعة الثالثة 21 يوليو 2023م : الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة، والجمعة الرابعة 28 يوليو 2023م : أسس بناء الدولة بين العهد النبوي والتطورات العصرية.